تحرير القول في استحباب صيام تسع من ذي الحجة ..
يُشرع صومها، ويتأكّد فضلُه فيها، قالت حفصة رضي الله عنها: أربعٌ لم يكن يدَعهُنّ رسول الله : صيامُ يوم عاشوراء والعشرِ وثلاثةِ أيّام من كلّ شهر وركتا الفجر. أخرجه أحمد وفيه مجهول وباقي رجاله ثقات
وعند أبي داود والنسائيّ عن بعض نساء النبي وفيه أنّه كان يصوم تسعَ ذي الحجة
قال النوويّ رحمه الله: "فليس في صومِ هذه التسعة ـ يعني تسع ذي الحجّة ـ كراهةٌ شديدة، بل هي مستحبّة استحبابًا شديدًا" انتهى
وأمّا ما ورد عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها أنّها قالت: ما رأيتُه ـ أي: [النبي] ـ صائمًا في العشر قطّ، أخرجه مسلم فقال ابنُ القيّم رحمه الله بعد أن أوردَ هذه المسألةَ: "والمثبِت مقدَّمٌ على النّافي إن صحّ"
وقال ابن حجَر بعد أن ذكر فضلَ الصومِ في هذه العشر: "ولا يرِد على ذلك حديثُ عائشةَ لاحتِمال أن يكونَ ذلك لكونِه ـ وهو الرحيم المشفِق ـ كان يترك العمَلَ وهو يحبّ أن يعمَلَه خشيةَ أن يُفرَضَ على أمّته" انتهى، ويقول النوويّ رحمه الله: "فيُتأوَّل قولُها ـ أي: عائشة ـ: لم يصُمِ العشرَ أنّه لم يصمه لعارضِ مرضٍ أو سفَر أو غيرهما، أو أنّها لم ترَه صائمًا فيها، ولا يلزم من ذلك عدمُ صيامِه في نفس الأمر" انتهى