عار على التـاريخ كيف تخونه
همم الرجال ويستباح لمن سلب؟!
من قال إن العار يمحوه الغضب
وأمامنا عرض الصبايا يغتصب؟
*****
عار على الأوطان كيف يسودها
خزي الرجال وبطش جلاد كذب
الخيل ماتت.. والذئاب توحشت
تيجاننا عار .. وسيف من خشب
*****
لا تسألوا الأيام عن ماض ذهب
فالأمس ولّى .. والبقاء لمن غلب
ما عاد يجدي أن نقـول بأننا ..
أهل المروءة والشهامة.. والحسب
*****
ما عاد يجـدي أن نقول بأننا ..
خير الورى دينا.. وأنقاهم نسب
ولتنظـروا ماذا يراد لأرضنا
صارت كغانية تضاجع من رغب
*****
حتى رعاع الأرض فوق ترابنا
والكل في صمت تواطأ .. أو شجب
الناس تسأل : أين كهان العرب ؟!
ماتوا .. تلاشوا .. لا نرى غير العجب
*****
ولتركعوا خزيا أمام نسائكم
لا تسألوا الأطفال عن نسب.. وأب
لا تعجبوا إن صاح في أرحامكم
يوما من الأيام ذئب مغتصب
*****
عرب.. ؟
وهل في الأرض ناس كالعرب؟!
بطش وطغيان .. ووجه أبي لهب
هذا هو التاريخ.. شعب جائع
وفحيح عاهرة .. وقصر من ذهب
*****
هذا هو التاريخ .. جلاد أتى
يتسلم المفتاح من وغد ذهب
هذا هو التاريخ لص قاتل
يهب الحياة.. وقد يضن بما وهب
*****
ما بين خنزير يضاجع قدسنا
ومغامر يحصي غنائم ما سلب
شارون يقتحم الخليل ورأسه
يلقي على بغداد سيلاً من لهب
*****
ويطل هولاكو على أطلالها
ينعي المساجد.. والمآذن.. والكتب
كبر المزاد .. وفي المزاد قوافل
للرقص حينا .. للبغايا .. للطرب
*****
ينهار تاريخ .. وتسقط أمة
وبكل قافلة عميل .. أو ذنب
سوق كبير للشعوب.. وحوله
يتفاخر الكهان من منهم كسب
*****
جاءوا إلى بغداد .. قالوا أجدبت ..
أشجارها شاخت.. ومات بها العنب
قد زيفوا تاجاً رخيصا مبهرا
(حرية الإنسان) .. أغلى ما أحب
*****
خرجت ثعابين.. وفاحت جيفة
عهرٌ قديمٌ في الحضارة يحتجب
وأفاقت الدنيا على وجه الردى
ونهاية الحلم المضيء المرتقب
*****
صلبوا الحضارة فوق نعش شذوذهم
يا ليت شيئا غير هذا قد صلب
هي خدعة سقطت .. وفي أشلائها
سرقت سنين العمر زهوا.. أو صخب
*****
حرية الإنسان غاية حلمنا
لا تطلبوها من سفيه مغتصب
هي تاج هذا الكون حين يزفها
دم الشعوب لمن أحب.. ومن طلب
*****
شمس الحضارة أعلنت عصيانها
وضميرها المهزوم في صمت غرب
*****
بغداد تسألُ .. والذئاب تحيطها
من كل فج .. أين كهان العرب ؟!
وهناك طفل في ثراها ساجد
مازال يسأل كيف مات بلا سبب ؟!
*****
كهاننا ناموا علي أوهامهم
ليل وخمر في مضاجع من ذهب
بين القصور يفوح عطر فادح
وعلى الأرائك ألف سيف من حطب
*****
وعلى المدى تقف الشعوب كأنها
وهم من الأوهام .. أو عهد كذب
فوق الفرات يطل فجر قادم
وأمام دجلة طيف حلم يقترب
*****
وعلي المشارف سرب نخل صامد
يروي الحكايا من تأمرك .. أو هرب
هذي البلاد بلادنا مهما نأت
وتغربت فينا دماء .. أو نسب
*****
يا كل عصفور تغرب كارها
ستعود بالأمل البعيد المغترب
هذي الذئاب تبول فوق ترابنا
ونخيلنا المقهور في حزن صلب
*****
موتوا فداء الأرض إن نخيلها
فوق الشواطئ كالأرامل ينتحب
ولتجعلوا سعف النخيل قنابلا
وثمارها الثكلى عناقيد اللهب
*****
فغدا سيهدأ كل شيء بعدما
يروي لنا التاريخ قصة ما كتب
وعليىالمدى يبدو شعاع خافت
ينساب عند الفجر .. يخترق السحب
*****
ويظل يعلو فوق كل سحابة
وجه الشهيد يطل من خلف الشهب
ويصيح فينا : كل أرض حرة
يأبى ثراها أن يلين لمغتصب
*****
ما عاد يكفي أن تثور شعوبنا
غضبا .. فلن يجدي مع العجز الغضب
لن ترجع الأيام تاريخا ذهب
ومن المهانة أن نقاتل بالخطب
*****
هذي خنادقنا .. وتلك خيولنا
عودوا إليها فالأمان لمن غلب
ما عاد يكفينا الغضب