لن نختلف كثيرا على أهمية الحب في علاقة الحياة، لكن أي حب، الذي يكون قبل الزواج أم بعده؟ أحب النظرة الأولى أم حب العشرة؟ هنا الفارق يصبح كبيرا وجدا أيضا. وفي هذا يتساوى الجنسين.
حب النظرة الأولى
حب النظرة الأولى ما هو إلا إزاحة طفولية للحب الذي نكنه لشخص آخر على من نرغب في الزواج منه (من حيث المبدأ)؛ فمنذ الطفولة الأولى إلى غاية الإقبال على الشباب والشخص يختبر أنواعا مختلفة من الحب؛ حب الأم المرضعة المشبعة جسديا كما عاطفيا، وحب حزم الأب وبعده المعلم.. ثم حب بعض النجوم والمشاهير.. وربما حب ناجم عن فوران هرمونات المراهقة لمجرد استئناس لفرد من الجنس الآخر… وهكذا حتى نُكون صورة مركبة لشخصية وهمية لمن ينبغي أن نحبه، إنه تركيب لا تهمه الاعتبارات الناضجة أو الواقعية.. فقط إشباع للصورة النفسية التي تغذيها أيضا متطلبات نمط الحياة أو الموضة.
الحب من النـظرة الأولى ما هو إلا إسقاط لهذه الصورة المركبة على شخص لا يمت لها بصلة إلا من حيث التشابه في الملامح أو الشكل الخارجي. لكن بعد الزواج تطفو الحقائق المرة وتغلب الاختلافات والطبائع على هوامش التفاهم والتواؤم، والنتيجة حالاتها أوضح من أن نناقشها.
حب المغامرات الجنسية
قد يخطأ الشابين بالمبادرة إلى توطيد علاقتهما بالممارسات الجنسية قبل الزواج، هذا يولد الحب أيضا، هذه المرة ينتج عن التغيرات الفسيولوجية التي تعقب كل ممارسة والتي تثيرا راحة وشعورا يجعل الشخص متعلقا بمن يمنحه هذه الأحاسيس الجسدية والمشاعر النفسية، فتطمس كل الاختلافات ويتم غض الطرف عن الأمور المهمة، تزداد خطورة هذه الحالة إذا كان أحد الطرفين متدرب بما فيه الكفاية ليعرف كمية الجرعات الجنسية ومواقيتها لإغماض الطرف الآخر عن بلاوي لا تعد ولا تحصى.
لا تدوم حالة الخدر هذه كثيرا، فقبل حتى أن يتم الاشباع الجنسي بعد الزواج، فالبلاوي المسكوت عنها كفيلة برد الشخص إلى رشده، لكن بعد فرات الأوان.
حب العشرة
الحب الذي يكتب له النجاح هو الذي ينبثق عن الاقتناع بالطرف الآخر، لا اعتبار هنا للون العينين وعرض الأرداف أو الكتفين أو الحجاب واللحية ولا لأي مظهر آخر، بل لشخصيته ومضمون كلام الشريك المقترح أكثر من كلامه نفسه، لطريقة كسبه لرزقه وتعامله، لكياسته وشجاعة قراره، لنضجه وتخلصه من بقايا طفولته.. حاول أن تجد فيه جوابا لهذا السؤال: أبهذا العقل والشخصية والخَلق والخُلق والمعارف يمكنني أن أستمر معه لبقية حياتي؟
أخيرا، حب العشرة ليس هو حب التستوستيرون والهياج الجنسي والوَلع الهرموني… بل هو حب المودة والرحمة اللذان تحدث عنهما القرآن الكريم بين الزوجين، أن يتقاسما الحياة بحلوها ومرها، أن يتشاركا الفراش بعض النظر إن كان أحدهما نشيط أم معتل، وهو الحب الذي يجعلها يخرجان وهما يمسكان بيد بعضهما البعض من شبابهما حتى بعد أن يصبحا عجوزين، حب يحث على تحمل المسؤولية معا في الرزق والتربية وبناء السعادة التي تُصنع أكثر مما تُعطى.
عزيز عبو