بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله حقَّ حمدهِ والصلاةُ والسلامُ على مَنْ لا نبي بعدَه، محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبعدُ:
فَإِنَّ شَأنَ الأَخلاقِ عَظِيمٌ، وَإِنَّ مَنزِلَتَهَا لَعَالِيَةٌ فِي الدِّينِ الإسلامي الحنيف.
وهذه كلمةٌ يسيرة أقدمُها لإخواني الأفاضل وأخواتي الفضليات، سائلاً المولى جلَّ جلاله أنْ ينفعنا بها، ويوفقنا للعمل بمدلولها، ويجعلنا من أهلها، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو الموفق سبحانه لمن يشاء من عباده إلى صراطه المستقيم.
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ ما من شيْ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق }
الحديث أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وأخرج أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق.
وأخرج من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { إنَّ من أحبكم إليَّ، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً}
وأخرج الشيخان (البخاري ومسلم) رحمهما الله، في صحيحيهما عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس خُلقاً.
وأخرج الإمام الترمذيُ في جامعه وصحح إسناده فضيلة شيخنا ناصر الدين الألباني رحمة الله تعالى عليه عن الإمام المبارك عبد الله بن المبارك - رحمة الله تعالى عليه - في تفسير حُسْن الخُلُق قال: هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكفُّ الأذى.
1- بَسطُ الوَجهِ: هُوَ إِشرَاقُهُ حِينَ مُقَابَلَةِ الخَلقِ، وَضِدُّ ذَلِكَ عُبُوسُ الوَجهِ.
وَقَد نَظَمَهُ بَعضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ:
بُنَيَّ إِنَّ البِرَّ شَيءٌ هَيِّنٌ
وَجهٌ طَلِيقٌ وَلِسَانٌ لَيِّنٌ
فَطَلاقَةُ الوَجهِ تُدخِلُ السُّرُورَ عَلَى النَّاسِ، وَتَجذِبُ المَوَدَّةَ، وَالمَحَبَّةَ، وَتُوجِبُ
انشِرَاحَ الصَّدرِ مِنكَ وَمِمَّن يُقَابِلُكَ.
2- بَذلُ المَعرُوفِ: وَبَذلُ المَعرُوفِ لَيسَ كَمَا يَظُنُّهُ بَعضُ النَّاسِ أَنَّهُ بَذلُ المَالِ
فَقَط، بَل يَكُونُ فِي بَذلِ النَّفسِ، وَفِي بَذلِ الجَاهِ، وَفِي بَذلِ المَالِ، وَفِي بَذلِ العِلمِ.
3- كَفُّ الأَذَى: وَهُوَ أَن يَكُفَّ الإِنسَانُ أَذَاهُ عَن غَيرِهِ بِالقَولِ وَالفِعلِ، فَمَن لَم يَكُفَّ
أَذَاهُ عَنِ الخَلقِ فَلَيسَ بِحَسَنِ الخُلُقِ، بَل هُوَ سَيِّئُ الخُلُقِ.
وفقنا الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه، وجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته