تعظيم قدر الصلاة([1]) :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
يقول الله تعالى : {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} الحج .
وقد أجمع العلماء على أن أعظم شعائر الله الظاهرة: الصلاة، ولها قدر عظيم وشأنٌ كبير عند الله تعالى، ومما يعين المسلم على تعظيم قدر الصلاة أن يعلم ما انفردت به هذه العبادة العظيمة من خصائص وميّزات عن سائر العبادات ، ومن هذه الخصائص والميّزات أن الصلاة :
1ـ أول ما فرض الله تعالى بعد الإيمان به سبحانه وتوحيده .
2ـ أعظم ما فرض الله تعالى بعد الإيمان به وتوحيده، فهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، أعظم من الصوم والزّكاة والحجّ .
3ـ أعظم شعائر الإسلام الظاهرة، وخير عمل المسلم كما في الحديث "واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة" رواه الإمام أحمد وصححه الألباني صحيح الجامع .
4ـ فرضت في السماء، في حادثة الإسراء والمعراج، بخلاف سائر أركان الإسلام.
5ـ فرضت على جميع الأنبياء والمرسلين، ويتعبّد لله بها أهل السموات والأرض .
6ـ أوّل ما يؤمر به المسلم في صغره، كما في الحديث "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين..." الحديث، رواه الإمام أحمد وأبو داود وحسنه الألباني صحيح الجامع.
7ـ آخر ما وصّى به النبيّ r عند موته كما في الحديث" الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم" رواه الإمام أحمد والنسائي وصححه الألباني صحيح الجامع .
8ـ لا تسقط عن المسلم ما دامٍ مكلّفاً، ما عدا الحائض والنفساء، فيصلّي المسلم مسافراً أو خائفاً ومريضاً على حسب استطاعته، بخلاف الصوم والزكاة والحجّ فتسقط بالأعذار .
9ـ لم يرد عن النبي r أن شيئاً من أعمال الإسلام تركه كفر إلا الصلاة كما في الحديث (إن بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة) رواه مسلم، وفي الحديث الآخر (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) رواه أهل السنن وصححه الألباني صحيح الجامع .
10ـ آخر ما نفقد من ديننا ، كما في الحديث "وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة..." حسنه الألباني صحيح الجامع .
11ـ سمّاها الله إيماناً كما في قوله تعالى : {وما كان الله ليضيع إيمانكم... الآية} البقرة .
12ـ أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد، كما ثبت ذلك عن النبي r في صحيح مسلم.
13ـ أعظم الأسباب المعينة على مرافقة النبي r في الجنّة، فقد قال عليه الصلاة والسلام لمن سأله مرافقته في الجنّة : "أعنّي على نفسك بكثرة السجود" رواه مسلم .
14ـ يتمايز بها المؤمنون عن المنافقين يوم القيامة بالسجود، كما في قوله تعالى : {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون} القلم .
15ـ أعظم وأبرز العلامات التي يعرف بها النبي r أمته ، كما في الحديث : "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرّاً محجّلين من آثار الوضوء..." رواه البخاري ومسلم .
16ـ تحمي صاحبها يوم القيامة ولو دخل النار، كما أخبر النبي r في الحديث" حرّم الله عزّ وجل على النار أن تأكل أثر السجود" متفق عليه .
17ـ أعظم ما يعصم المسلم من الفواحش والمنكرات والجرائم، كما في قوله تعالى : {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} الآية ، العنكبوت .
18ـ أعظم ما يعصم الدمّ بعد الإيمان بالله تعالى ، قال تعالى : {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلّوا سبيلهم} التوبة الآية وفي الحديث "إني نهيت عن قتل المصلّين" رواه أبو داود والإمام أحمد وصححه الألباني صحيح الجامع .
19ـ أمر الله بالاستعانة بها، قال تعالى : {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} البقرة .
وقال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة} الآية البقرة .
20ـ كان النبي r إذا حزبه أمر أو حزنه أمر فزع إلى الصلاة، رواه الإمام أحمد وأبو داود وحسنه الألباني صحيح الجامع .
21ـ كان النبي r ينادي : يا بلال أقم الصلاة، أرحنا بها. رواه الإمام أحمد وأبو داود وصححه الألباني صحيح الجامع .
22ـ قرّة عين النبي r كما في الحديث "جعلت قرّة عيني في الصلاة" رواه الإمام أحمد وصححه الألباني صحيح الجامع .
23ـ ميزان لسائر الأعمال كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
24ـ ميزان لمعرفة مكانتنا عند الله تعالى، قال الإمام أحمد رحمه الله : من أراد أن يعرف مكانته عند الله فلينظر إلى مكانة الصلاة عنده.
25ـ جميع أعمالها توحيد لله تعالى وتعظيم له سبحانه وتكبير وتسبيح وتحميد وتهليل وتواضع وتذلّل بين يدي الله جلّ جلاله، فتجتمع فيها أجلّ العبادات .
26ـ مناجاة مباشرة بين العبد وربّه، فإذا قرأ المصلّي الفاتحة فقال : الحمد لله ربّ العالمين قال الله : حمدني عبدي، فإذا قال : الرحمن الرحيم، قال الله : أثنى عليّ عبدي، فإذا قال : مالك يوم الدين قال الله : مجّدني عبدي.. إلى آخره كما ورد في الحديث الذي رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام (إن أحدكم إذا كان في صلاته فإنه يناجي ربه) متفق عليه .
27ـ أوّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي، وفي رواية (فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله) وصححهما الألباني رحمه الله صحيح الجامع .
28ـ من أعظم أسباب مغفرة الذنوب، قال عليه الصلاة والسلام : "ما من مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفّارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كلّه" رواه مسلم .
29ـ أعظم أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة بعد الإيمان بالله تعالى، قال تعالى : {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون...} الآية المؤمنون .
30ـ أعظم أسباب تزكية النفس وتحرّرها من الهلع والجزع والبخل وسيء الأخلاق، قال تعالى :
{إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسّه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً إلا المصلّين...} الآية المعارج .
31ـ من أعظم أسباب مفاتيح الرزق، قال تعالى : {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها، لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى} طه .
32ـ من حافظ عليها كان له عهد عند الله أن يدخله الجنّة، قال r : "خمس صلوات افترضهن الله عزّ وجلّ، من أحسن وضوءهنّ وصلاهنّ لوقتهنّ وأتمّ ركوعهنّ وخشوعهنّ كان له على الله عهد أن يغفر له (أن يدخله الجنّة) ومن لم يفعل، فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذّبه" رواه الإمام أحمد وأبو داود وصححه الألباني صحيح الجامع .
33ـ لا يشتغل المصلي فيها بغيرها، قال r : "إن في الصلاة شغلاً" متفق عليه .
34ـ عماد الدين، كما قال r : "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد" رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني صحيح الجامع .
35ـ اشترط الله لها أكمل الأحوال من الطهارة والزينة باللباس واستقبال القبلة، ما لم يشترط في غيرها .
36ـ انتظارها رباط في سبيل الله، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : (ألا أدلّكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرّباط، فذلكم الرّباط) رواه مسلم .
37ـ أمر الله نبيه r أن يصطبر عليها كما في قوله تعالى : {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} طه ، مع أنه أمره بالاصطبار على جميع العبادات كما في قوله : {فاعبده واصطبر لعبادته} مريم .
38ـ أوّل ما يستقبل به المولود، فيؤذّن في أذنه، وآخر ما يودّع به المسلم في هذه الدنيا بالصلاة عليه صلاة الميّت، وصدق من قال :
أذان المرء حين الطفل يأتي
دليل أن محياه يسيرُ
وتأخير الصلاة إلى الممات
كما بين الأذان إلى الصلاة
39ـ أوّل ما يتحسّر على تركه أهل النار يوم القيامة ويوبّخون عليه، قال تعالى : {ما سلككم في سقر، قالوا لم نكُ من المصلين...} الآية المدثر .
40ـ من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، قال r : "من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبيّ بن خلف" .
رواه الإمام أحمد وابن حبان، وقال الشيخ بن باز رحمه الله : إسناده جيد مجموع الفتاوى.
وختاماً ، فهذه بعض خصائص الصلاة التي يتضح من خلالها عظم قدرها عند الله
جل وعلا، نسأل الله أن يجعلنا من المعظمين لشعائره، المحافظين على الصلاة المقيمين لها، الخاشعين فيها، السعداء بها في الدنيا والآخرة .والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أحكام الزكاة ([2]) :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه .
أما بعد فإن الباعث لكتابة هذه الكلمة هو النصح والتذكير بفريضة الزكاة التي تساهل بها الكثير من المسلمين فلم يخرجوها على الوجه المشروع مع عظم شأنها وكونها أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يستقيم بناؤه إلا عليها لقول النبي r : (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت) متفق على صحته وفرض الزكاة على المسلمين من أظهر محاسن الإسلام ورعايته لشئون معتنقيه لكثرة فوائدها ومسيس حاجة الفقراء المساكين إليها فمن فوائدها تثبيت أواصر المودة بين الغني والفقير لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، ومنها تطهير النفس وتزكيتها والبعد بها عن خلق الشح والبخل كما أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قوله تعالى : {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} ومنها تعويد المسلم صفة الجود والكرم والعطف على ذوي الحاجة، ومنها استجلاب البركة والزيادة. كما قال تعالى : {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} وقول النبي r في الحديث الصحيح يقول الله عز وجل {يا ابن آدم انفق ننفق عليك} إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة .
وقد جاء الوعيد الشديد في حق من بخل بها أو قصر في إخراجها قال الله تعالى :
{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنـزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون} ، فكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنـز يعذب به صاحبه يوم القيامة كما دل على ذلك الحديث الصحيح عن النبي r أنه قال : (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ، ثم ذكر النبي r صاحب الإبل والبقر والغنم الذي لا يؤدي زكاتها وأخبر أنه يعذب بها يوم القيامة وصح عن رسول الله r أنه قال : (من آتاه الله ما لاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه (يعني شدقيه) ثم يقول أنا مالك أنا كنـزك ثم تلا النبي r هذه الآية {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} متفق عليه .
والزكاة تجب في أربعة أصناف الخارج من الأرض من الحبوب والثمار . والسائمة من بهيمة الأنعام، والذهب والفضة وعروض التجارة. ولكل من هذه الأصناف الأربعة نصاب محدود لا تجب الزكاة فيما دونه فنصاب الحبوب والثمار خمسة أوسق والوسق ستون صاعاً بصاع النبي r فيكون مقدار النصاب من التمر والزبيب والحنطة والأرز والشعير ونحوها ثلاثمائة صاع بصاع النبيr وهو أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل الخلقة إذا كانت يداه مملوءتين . وأما نصاب السائمة من الإبل والبقر والغنم ففيه تفصيل مبين في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله r وفي استطاعة الراغب في معرفته سؤال أهل العلم عن ذلك ولولا قصد الإيجاز لذكرناه لتمام الفائدة .
وأما نصاب الفضة فمائة وأربعون مثقالاً ومقداره بالدرهم العربي السعودي ستة وخمسون ريالاً. ونصاب الذهب عشرون مثقالاً ومقداره من الجنيهات السعودية أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه والواجب فيهما ربع العشر على من ملك نصاباً منهما أو من أحدهما وحال عليها الحول والربح تابع للأصل فلا يحتاج إلى حول جديد كما أن نتاج السائمة تابع لأصله فلا يحتاج إلى حول جديد إذا كان أصله نصاباً. وفي حكم الذهب والفضة الأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس اليوم سواء سميت درهماً أو ديناراً أو دولاراً أو غير ذلك من الأسماء إذا بلغت قيمتها نصاب الفضة أو الذهب وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة، ويلتحق بالنقود حلي النساء من الذهب والفضة خاصة إذا بلغت النصاب المتقدم وحال عليها الحول فإن فيها الزكاة وإن كانت معدة للاستعمال أو العارية في أصح قولي العلماء لعموم قول النبي r : (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار) الخ الحديث المتقدم . ولما ثبت عنه r أنه رأى بيد امرأة سوارين من ذهب فقال أتعطين زكاة هذا قالت لا قال : أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار فألقتهما وقالت هما لله ولرسوله أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت : يا رسول الله أكنـز هو فقال r (ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنـز) مع أحاديث أخرى في هذا المعنى . أما العروض وهي السلع المعدة للبيع فإنها تقوّم في آخر العام ويخرج ربع عشر قيمتها سواء كانت قيمتها مثل ثمنها أو أكثر أو أقل لحديث سمرة قال كان رسول الله r يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع رواه أبو داود .
ويدخل في ذلك الأراضي المعدة للبيع والعمارات والمكائن الرافعة للماء وغير ذلك من أصناف السلع المعدة للبيع . أما العمارات المعدة للإيجار لا للبيع فالزكاة في أجورها إذا حال عليها الحول أما ذاتها فليس فيها زكاة لكونها لم تعد للبيع وهكذا السيارات الخصوصية والتكاسي ليس فيها زكاة إذا كانت لم تعد للبيع وإنما اشتراها صاحبها للاستعمال وإذا اجتمع لصاحب سيارة الأجرة أو غيره نقود تبلغ النصاب فعليه زكاتها إذا حال عليها الحول سواء كان أعدها للنفقة أو للتزوج أو لشراء عقار أو لقضاء دين أو غير ذلك من المقاصد لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الزكاة في مثل هذا والصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع الزكاة لما تقدم . وهكذا أموال اليتامى والمجانين تجب فيها الزكاة عند جمهور العلماء إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول ويجب على أوليائهم إخراجها بالنية عنهم عند تمام الحول لعموم الأدلة مثل قول النبي r في حديث معاذ لما بعثه إلى أهل اليمن (إن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم) رواه البخاري ومسلم .
والزكاة حق لله لا تجوز المحاباة بها لمن لا يستحقها ولا أن يجلب الإنسان بها لنفسه نفعاً أو يدفع ضراً ولا أن يقي بها ماله أو يدفع بها عنه مذمة. بل يجب على المسلم صرف زكاته لمستحقيها لكونهم من أهلها لا لغرض آخر مع طيب النفس بها والإخلاص لله في ذلك حتى تبرأ ذمته ويستحق جزيل المثوبة والخلف .
وقد أوضح الله سبحانه في كتابه الكريم أصناف أهل الزكاة فقال تعالى :
{إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} وفي ختم هذه الآية الكريم بهذين الاسمين العظيمين تنبيه من الله سبحانه لعباده على أنه سبحانه هو العليم بأحوال عباده ومن يستحق منهم الصدقة ومن لا يستحق وهو الحكيم في شرعه وقدره فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها وإن خفي على بعض الناس بعض أسرار حكمه ليطمئن العباد لشرعه ويسلموا لحكمه والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين للفقه في دينه والصدق في معاملته والمسابقة إلى ما يرضيه والعافية من موجبات غضبه إنه سميع قريب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه .